الجندي المجهول

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

صرح الشهيد، ذلك البناء الذي يستحق فعلاً اسم صرح، هذا الصرح الشامخ الذي تحليّه من داخله وخارجه ألوان العلم الاردني، ببياض مبناه بياض صناعنا وسواد الاطار المحيط به سواد وقائعنا وتوسطه للمرابع الخضر وممراته التي ان لم تخني الذاكرة كانت محلاة بالمخمل الاحمر احمرار مواضينا ودماء شهدائنا، هذا الصرح كان دوماً يبعث في نفسي رهبة وارتجافاً كلما مررت من امامه خاصة في ليالي الصيف عندما تضيء الانوار الساطعة جوانبه فتلتمع الآيات القرآنية المخطوطة باللون الذهبي عليه، هذا الصرح فقد الكثير من روقنه وبهائه في السنوات الاخيرة، حيث تراكمت حوله الانقاض وانتصبت امامه انصاف واشباه الابنية غير المنتهية لتحجب عنه نور الشمس وتحجبه عن عيون الناس.

هذا البناء الذي يضم الجندي المجهول الاردني ويرمز لكل شهيد اردني، قد أُهين!ومعه أهين دم كل شهيد اردني ضحى به صاحبه مع روحه فداء لأرضه ووطنه وقضيته، فما معنى ان يُحجب هذا الصرح بالانقاض وانصاف الابنية وما معنى ان تهمل الاراضي المحيطة به لتمتلىء صيفاً شتاء بالقاذورات والاعشاب والنباتات الجافة وما معنى ان تمر شهورٌ طوال دون ان نرى او نسمع بأن اياً من ضيوف الاردن واثناء زيارته لم يزر صرح الشهيد ليضع اكليلاً من الزهور احتراماً لدماء ابناء هذا الوطن الذين ضحوا بحياتهم فداء له، علماً بأن كل دول العالم تعتني ايما عناية بصروحها وتتحين الفرص لتصحب اي مسؤول ومن اي مستوى ليزور نصب الجندي المجهول فيها اما نحن فقد نسينا جندينا مجهولاً كان او معلوماً، فلماذا يا جيشنا العربي ولماذا يا دولتنا الاردنية هذا الاهمال في دماء شهدائنا وابطالنا.

اما الامر الثاني الذي يجب ان يطالب به كل اردني فهو: لماذا ليس في وطننا مقبرة وطنية تضم رفاة شهدائنا وابطالنا ورجال هذا الوطن الذين افنوا اعمارهم في خدمة هذا الوطن وفي سبيله عسكريين كانوا ام مدنيين، أفي وطننا نقص عن غيره من الاوطان ام ان في رجالنا نقصاً عن غيرهم من الرجال فمعظم بلاد العالم المتحضرة فيها مدافن وطنية تخصص للشهداء والمضحين والبارزين من ابناء هذا الوطن الذين دفعوا دمائهم وافنوا اعمارهم فداء له، ام ترى ارض الاردن لم يعد فيها شبر ليتسع لرفاة ابنائها، فلماذا لا تستغل تلك المساحات الواسعة من الارض المحيطة بصرح الشهيد لتكون مقبرة وطنية تحيط بصرح وطني، أليس هذا افضل من تركها مرتعاً للقذرين وضعاف النفوس يمارسون فيها كل خطيئة ورذيلة متسترين وراء المساحات الشاسعة من الاشجار التي تملأ المكان، او يمكن ان تُلحق هذه المقبرة بمعلم بارز آخر كـ «حدائق الحسين» مثلاً ان كان لا يزال فيها مكان ولتكون الحديقة التي تحمل اسم الرجل الذي افنى عمره كله فداء لهذا الوطن حديقة تنمو فيها بذور التضحية والوطنية، ففي الولايات المتحدة مثلاً تسمى المقبرة الوطنية هناك ومن باب التحبب ولاقصاء الافكار المتصلة بالمقابر عموماً بالحدائق الحجرية (Gardens of stone) تشبيهاً لقبور هؤلاء الرجال الذين ضحوا في سبيل الوطن بالزهور اليانعة، فلماذا نكون اقل من العالم؟ ولماذا نعتبر شهيدنا ورجلنا الاردني اقل من غيره في العالم، لماذا؟

» اختفاء الشاب سعيد القصاص من حي الجندي في الرصيفة منذ أكثر من أسبوع